الزُبير بن العوام بن خُويلد .حواريُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن عمته صفيه بنت عبد المطلب، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، وأول من سلّ سيفه في سبيل الله، أبو عبد الله رضي الله عنه.
أسلم وهو حدث له ست عشرة سنة .
عن موسى بن طلحة قال: كان عليّ والزبير وطلحة وسعد عذار عام واحد، يعني ولدوا في سنة .
قال عروة: جاء الزبير بسيفه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مالك ؟ قال: أُخبرت أنك أخذت، قال: فكنت صانعاً ماذا ؟ قال: كنت أضرب به من أخذك. فدعا له ولسيفه.
وروى هشام، عن أبيه عروة، أن الزبير كان طويلاً تخُط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة، أشعر، وكانت أمه صفية تضربه ضرباً شديداً وهو يتيم، فقيل لها، قتلتِه، أهلكته، قالت:
إنما أضربه لكي يدب ويَجُر الجيش ذا الجلب
وقال هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء، فنزل جبريل على سيماء الزبير.
وفيه يقول عامر بن صالح بن عبد الله بن الزبير:
جَدي ابن عمة أحمد ووزيره عند البلاء وفارس الشقراء
وغداة بدر كـان أول فارسٍ شهد الوغى في اللامة الصفراء
نزلت بسيماه الملائك نُصرة بالحوض يوم تألب الأعــداءِ
وهو ممن هاجر إلى الحبشة ولم يطل الإقامة بها.
وقال جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق: من يأتينا بخبر بني قريظة ؟ فقال الزبير: أنا، فذهب على فرس فجاء بخبرهم، ثم قال الثانية، فقال الزبير: أنا فذهب، ثم الثالثة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لكل نبي حواري ،و حواريي الزبير)).
عن الثوري قال : هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة: حمزة وعلي والزبير .
عن عروة قال: كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف: إحداهن في عاتقة، إن كنتُ لأدخل أصابعي فيها، ضُرب ثنتين يوم بدر ، وواحدة يوم اليرموك .
عن مروان، قال: أصاب عثمان رُعاف سنة الرُعاف، حتى تخلّف عن الحجّ و أوصى، فدخل عليه رجل من قريش، فقال: استخلف، قال : وقالوه؟ قال: نعم، قال: من هو ؟ فسكت، قال: ثم دخل عليه رجل آخر، فقال له مثل ذلك، وردّ عليه نحو ذلك، قال: فقال عثمان : قالوا الزبير ؟ قالوا : نعم، قال : أما والذي نفسي بيده، إن كان لأخيرهم ما عملتُ، وأحبهُم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: انصرف الزبير يوم الجمل على عليّ، فلقيه ابنه عبد الله، فقال: جُبناً ، جُبناً ! قال: قد علم الناس أني لست بجبان، ولكن ذكرني عليُّ شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلفت أن لا أقاتله، ثم قال :
ترك الأمور التي أخشى عواقبها في الله أحسنُ في الدُنيا وفي الدين
وقيل أنه أنشد:
ولعد علمتُ لو أن علمي نافعي أن الحياة من الممـات قـريبُ
فلم ينشب أن قتله ابن جُرموز .
عن جون بن قتادة قال: كنت مع الزبير يوم الجمل، وكانوا يُسلمون عليه بالإمرة، إلى أن قال: فطعنه ابن جرموز فأثبته، فوقع، ودُفن بوادي السباع، وجلس عليّ رضي الله عنه يبكي عليه هو وأصحابه .
عن أبي نظرة قال: جيء برأس الزُبير إلى علي فقال علي: تبوّأ يا أعرابي مقعدك من النار، حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قاتل الزبير في النّار .
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير قال: لقيت يوم بدر عُبيدة بن سعيد بن العاص، وهو مُدجج لا يُرى إلا عيناه، وكان يكنى أبا ذات الكرِش فحملتُ عليه بالعنزة فطعنته في عينه فمات، فأخبرت أن الزبير قال: لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطيت فكان الجهد أن نزعتُها، يعني الحربة، فلقد انثنى طرفها.
قُتل سنة ست وثلاثين، وله بضع وخمسون سنة.
قال ابن المديني: سمعت سفيان يقول: جاء جُرموز إلى مُصعب بن الزبير، يعني لما ولي إمرة العراق لأخيه الخليفة عبد الله بن الزبير فقال: أقِدني الزبير، فكتب في ذلك يُشاور إبن الزبير، فجاءه الخبر: أنا أقتل إبن جرموز بالزُبير ؟ ولا بشسع نعله .
قلتُ : أكل المُعثر يديه ندماً على قتله، واستغفر الله، لا كقاتل طلحة وقاتل عثمان وقاتل علي ..